هل الادراك يعود إلى عوامل ذاتية أم موضوعية؟
المحتويات
طرح المشكلة:
تعتبر عملية الإدراك أحدى أهم العمليات النفسية التي يستعين بها الإنسان لمعرفة العالم الخارجي والتكيف معه، باعتباره عملية مكملة لدور الإحساس ومتجاوزة له في الوقت نفسه، لما يقوم به من تنظيم لـ احساساتنا الواردة من العالم الخارجي وتفسيرها، فهو عملية عقلية معقدة تتداخل فيها مختلف القدرات الذهنية للإنسان.
الإدراك هو عملية عقلية يتم من خلالها تأويل وتفسير المثيرات وصياغتها على نحو يمكن فهمها، ومن ثم الخروج بتصور أو حكم أو قرار. إلا أن عملية الإدراك تختلف من إنسان لآخر نظرًا لوجود عدد من العوامل والشروط التي تحكمها، وهذا ما مثل محور جدل واختلاف بين الفلاسفة والمفكرين، البعض منهم رأى أن الإدراك نشاط ذاتي يخضع لعوامل ذاتية متعلقة بالشخص المدرك، والبعض الآخر أرجعه إلى عوامل موضوعية متعلقة ببنية الموضوع المدرك.
حل السؤال : هل الادراك يعود إلى عوامل ذاتية أم موضوعية؟
هذا الجدال الواقع بينهم يدفعنا إلى طرح السؤال التالي، هل الإدراك يخضع لعوامل ذاتية أم موضوعية؟ وهو ما سنتحدث عنه في هذه المقالة.
هل الإدراك يخضع لعوامل ذاتية أم عوامل موضوعية
هناك بعض العوامل في الأشياء وكذلك في الفرد نفسه والتي يمكن أن تؤثر على عملية الإدراك. تنقسم هذه العوامل التي تحدد إدراكنا إلى نوعين هما:
- العوامل الذاتية، هذه العوامل تشير إلى الأفراد وهي متأصلة فيهم.
- العوامل الموضوعية، هذه العوامل تتعلق بجوانب معينة من الأشياء وتكون متأصلة فيها.
يرى أنصار هذه الموقف من بينهم (ديكارت، وباركلي، وحون لوك، وآلان) أن عملية الإدراك تتوقف في مجملها على العوامل الذاتية المتعلقة منها بالحالة العقلية والنفسية والجسدية كالتخيل، والذاكرة والانتباه والذكاء وغيرها، وهي عوامل يمكن من خلالها تفسير التباين الحاصل على مستوى إدراكات الأشخاص للموقف الواحد.
أكد أنصار هذا الموقف أن الإدراك عملية عقلية ذاتية لا دخل للموضوع المدرك فيها، حيث إن إدراك الشيء ذي أبعاد يتم بواسطة أحكام عقلية نصدرها عند تفسير المعطيات الحسية، لذلك فالإدراك نشاط عقلي تساهم فيه عوامل ووظائف عقلية عليا.
بمعنى أن الادراك يعود إلى الذات المُدركة لا إلى الشيء المدرك، وعملية الإدراك تتجلى في التأثير المتبادل بين الذات والموضوع أي بين الشعور وموضوع الشعور، وإذا كان الشعور يتميّز بالاستمرار والتغيير فإنّ إدراكنا للأشياء الخارجية لا بدَّ أن يتغير بتغير شعورنا؛ معنى هذا أنّ إدراكنا لأيّ شيء يختلف باختلاف أحوالنا وظروفنا وموقفنا.