الفحم الحجري هو وقود أحفوري غير متجدد يستعمل لإنتاج الكهرباء. تكمن مخاطر الفَحم الحجري في طرق التنقيب عنه تحت الأرض ، وفي احتراقه ما يبني تهديدًا للبيئة وللمنقبين عنه. يُستعمَل الفَحم الحجري لإنتاج 50٪ من الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية.
ما سبب وصف الفحم بالوقود الاحفوري العنيد؟
المحتويات
يتصف الفَحم الحجري بكونه حجرًا مترسبًا أسود اللون أو بنيًا شبيهًا بالأسود. ويُحرَق الفَحم الحجري كوقود، ويستعمل لإنتاج الكهرباء. يتكون الفحم الحجري أساسًا من الكربون والهيدروكربون الغني بالطاقة التي تُطلَق عند الاحتراق.
يُعتبَر الفحم الحجري المصدر الأكثر شيوعًا لإنتاج الكهرباء في العالم، كما أنه الوقود الأحفوري الأكثر توسعًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف يتكون الفحم الحجري؟
يتكون الوقود الأحفوري من بقايا كائنات حية قديمة. يُعتبَر الفحم الحجري موردًا غير متجدد، إذ يستغرق تكونه ملايين السنين، وهو موجود بكميات محدودة.
بدأت ظروف تكون الفحم الحجري قبل 300 مليون سنة خلال العصر الكربوني. خلال هذه الايام من الزمن كانت الأرض مغطاة ببحار شاسعة وغابات كثيفة، وفاضت البحار أحيانًا على الغابات ما أبقى النباتات حبيسة في عمق الأراضي المستنقعية. مع مرور الزمن دُفنَت وضغطت النباتات والطحالب تحت أوزان الوحل والغطاء النباتي.
كلما انخفضت بقايا النباتات نحو الأسفل تحت سطح الأرض واجهت درجات حرارة مرتفعة وضغطًا شديدًا. لعب الوحل والماء الحامض دور الطبقة الحامية لبقايا النباتات من الاحتكاك مع الأكسجين، ما سمح بعملية تحلل بطيئة جدًا تحافظ على كربون النباتات (مصدر طاقة).
ما سبب وصف الفحم بالوقود الاحفوري العنيد؟
تسمى مناطق النباتات الدفينة بـِ”مستنقعات الخث”. يحتوي خث الوقود على كميات هائلة من الكربون تحت أمتار عديدة من سطح الأرض، ويمكنه أن يُحرَق كوقود، ويُعتبَر مصدرًا رئيسيًا لطاقة التدفئة في أسكوتلندا وروسيا وإيرلندا.
في الظروف الملائمة يمكن للخث أن يتحول لـ فحم حجري عبر عملية (التفحيم – carbonization). تحدث عملية التفحيم تحت حرارة وضغط شديدَين. تنضغط في المعدل طبقة تتكون من 3 أمتار من بقايا النباتات لـ الثلث أي طبقة تتكون من متر من الفحم الحجري.
يوجد الفَحم الحجري في مجموعات تسمى أسرة الفَحم الحجري. قد يبلغ سمك تشكيلات الفَحم الحجري 30 مترًا، وقد تمتد لأكثر من 1500 كيلومتر. يوجد الفَحم الحجري في كل القارات، وتوجد أكبر احتياطات الفَحم الحجري في الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وأستراليا، والهند.
أنواع الفحم الحجري
يختلف الَفحم الحجري عن الأحجار المعدنية التي تتكون من مواد غير عضوية، إذ يتكون الفَحم الحجري من مواد نباتية لينة، ويخضع لتغيرات عديدة حتى يصبح بالهيئة المعروفة، السوداء واللماعة والمستعملة كوقود.
يخضع الَفحم الحجري لمراحل عديدة من عملية التفحيم، على مدى ملايين السنين، لذلك يمكن أن نجده في مراحل متعددة من تكونه، في أماكن متعددة في العالم
تصنف أنواع الفحم الحجري حسب درجة تغيره على مدى الأزمنة. يوضح قانون هيلت أنه كلما وجدَت طبقة الفحم الحجري أعمق تحت سطح الأرض ارتفع تصنيفه. وكلما زاد العمق كثرت درجة الحرارة وشدة الضغط ما يسمح لبقايا النباتات بالتحول لـ كربون أكثر.
لا يُعتبَر خث الوقود حقًا فحمًا حجريًا، لكن بإمكانه أن يتحول لـ فحم حجري في ظروف ملائمة. الخث هو تراكم من النباتات التي تحللت مؤقتًا والتي خضعت للقليل من عملية الكربنة.
ولكن الخث يُعتبَر من عائلة الفحم الحجري لاحتوائه على طاقة النباتات التي كونته. كما يحتوي الخث على كمية عدد ضخم من المواد القابلة للتبخر، مثل غاز الميثان والزئبق، والتي تنطوي على مخاطر على البيئة عند احتراقها.
يحتفظ الخث برطوبة كافية ليكون إسفنجيًا، وبإمكانه امتصاص الماء والتمدد ليُكوِن مزيدًا من الخث، ما يحد من خطورة الفيضانات في الطبيعة. يستطيع الفلاحون استعمال الخث كوسيلة لتحصيل الماء في التربة، ثم تركه من أجل تغذية المحاصيل بالماء والمغذيات ببطء. يستَعمل الخث كمصدر للطاقة في بلدان عديدة مثل أيرلندا، وأسكوتلندا، وفنلندا فيُجفَف منه الماء، ثم يُحرَق كمصدر للحرارة.
التنقيب عن الفحم الحجري
يمكن استخراج الفَحم الحجري من الأرض عبر التنقيب السطحي أو التنقيب العميق. ما إن يُستخرَج يمكن استعمال الفحم مباشرة للتدفئة أو لتوليد الكهرباء أو كوقود.
التنقيب السطحي عن الفحم الحجري
يمكن استخراج الفحم عبر التنقيب السطحي، إذا ما كان الفحم الحجري على عمق أقل من 61 مترًا تحت سطح الأرض. خلال عملية التنقيب السطحي يزيل العاملون ببساطة الطبقات الترسبية التي تغطي الفحم بالإضافة لـ النباتات والصخور.
يعتبر التنقيب السطحي أقل تكلفة اقتصاديًا. يمكن للعامل في التنقيب السطحي استخراج كمية أكبر من الفحم المستخرَج عبر التنقيب العميق تصل لـ ضعفين ونصف في الساعة.
إن التأثيرات البيئية الناتجة عن التنقيب السطحي عن الفحم واسعة، إذ تُنتزَع المناظر الطبيعية -حرفيًا- وتُدمَر المواطن الطبيعية للحيوانات والأنظمة الطبيعية. قد يتسبب التنقيب السطحي أيضًا في الانزلاقات الأرضية، ويسبب انبعاثاتٍ سامة في الهواء والموائد المائية.
التنقيب العميق عن الفحم الحجري
تقبع معظم احتياطات الفحم الحجري في العالم عميقًا تحت سطح الأرض. يمثل التنقيب العميق عملية استخراج الفحم الحجري من عمق يفوق الـ300 متر أحيانًا. ينزل المنقبون عن الفحم تحت سطح الأرض باستخدام المصعد الآلي، ثم يستعملون آلات ضخمة لاستخراج الفحم ثم نقله فوق سطح الأرض.
يمكن أن نتخيل أن التنقيب العميق لا يضر البيئة بقدر ما يفعل التنقيب السطحي لكنه في الحقيقة يترك عواقب شديدة الخطورة. هذه العواقب هي غالبًا ترسبات سامة تنتج عن عملية فصل الفحم عن المكونات المختلفة التي لا نحتاجها. قد تترسب هذه المواد السامة لـ الموائد المائية وتسممها.
تكمن أخطار التنقيب العميق بالنسبة لعمال المناجم في الانفجارات القوية ومخلفاتها، ما يسبب الاختناق من نقص الأوكسجين واستنشاق غازات سامة.
لحماية عمال المناجم يجب شفط غازات الميثان باستمرار. في 2009 مثلت انبعاثات الميثان الناجمة عن تهوئة المناجم العميقة 10٪ من مجموع انبعاثات الميثان في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تسبب المناجم السطحية 2٪ من مجموع هذه الانبعاثات.
استعمالات الفحم الحجري
استعمل البشر أنواع الَفحم الحجري المختلفة لآلاف السنين للتدفئة وطبخ الطعام، واستخدم الرومان الفحم لتسخين الحمامات العمومية، واستخدم الأزتك الفحم في مجال الزخرفة.
كان الفحم الحجري وقود الثورة الصناعية، فقد كان أقل تكلفة من فحم الحطب، وكان أكثر إنتاجًا للطاقة عند احتراقه، زود الفحم الحجري بالبخار والطاقة اللازمة للإنتاج الكبير، وتوليد الكهرباء، وإنتاج وقود السفن والقطارات الناقلة للسلع.
تركزت أغلب مناجم الفحم خلال فترة الثورة الصناعية في شمال إنجلترا إذ شكلت كمية الفحم المستخرجة هناك 80٪ من مجموع استخراج الفحم في القرن الثامن عشر.
يستخدم البشر حتى اللحظة الراهنة الفحم الحجري بطريقة مباشرة (التدفئة)، وغير مباشرة أيضًا (توليد الكهرباء)، وهو يُعتبَر ضروريًا لصنع الفولاذ.
الفحم الحجري كوقود
يستعمل الفحم الحجري في كل مكان كوسيلة للتدفئة، فهو يمثل الخيار الأمثل لبلدان نامية عديدة. ارتفع الاستهلاك العالمي للفحم بأكثر من 30٪ مقارنة بـِ2011.
يحرق الناس الفَحم الحجري لتدفئة منازلهم أو في أفران صناعية واسعة. ينتج الفَحم الحجري عند احتراقه حرارة توفر الراحة والاستقرار. كما يمكن استعمال الفحم الحجري لتسخين المياه.
توليد الكهرباء
تُعد منشآت الطاقة المعتمدة على الفحم الحجري أكثر طريقة معتمدة لتوليد الكهرباء وتوزيعها، تعتمد هذه الطريقة على حرق الفحم الحجري ليسخن الماء حتى الغليان. عندما يغلي الماء يطلق بخار الماء كقوة دافعة تحرك محركًا وتُفعل مولدًا لإنتاج الكهرباء.
الحدادة
يلعب الفحم الحجري دورًا رئيسيًا في صناعة الفولاذ إذ يسخن الحديد لفصله عن المكونات المختلفة. استُعمل الفحم الحجري سابقًا لتسخين الحديد، لكنه يطلق شوائب عندما يُحرق (مثل الكبريت) ما يجعل الفولاذ الناتج عن هذه المهمة ضعيفًا.
وجد العلماء خلال القرن التاسع طريقة لإزالة الشوائب من الفحم عند احتراقه. يوضَع الفحم في فرن لمدة 12-36 ساعة في حرارة تصل 1000-1100 درجة مئوية، ما يسمح بإزالة الشوائب، مثل غاز الفحم، وأحادي أكسيد الكربون، والميثان، والزيوت، والزفت. الفحم الناتج عن هذه المهمة غني بالكربون ولا يحتوي إلا كمية قليلة من الشوائب.
يحرق الفحم الناتج عن المهمة السابقة لتسخين فرن تصل حرارته 1200 درجة مئوية، يحتوي الفرن حديدًا خامًا وهواء ما ينتج فولاذًا. يزود الفحم المستعمل حرارة وميزات كيميائية، والتي تعطي الفولاذ القوة والمرونة اللازمين لبناء الجسور وناطحات السحاب والطائرات والسيارات.
مواد صناعية
تستعمل الغازات الناتجة عن احتراق الفحم الحجري في المهمة السابقة كمصدر للطاقة للإضاءة والتدفئة. يمكن استعمال الفحم لإنتاج مزيج غازي من الأكسجين وأحادي أكسيد الكربون، ويستعمل هذا المزيج كوقود للسيارات، تمامًا مثل المواد البترولية والديزل. كما يمكن استعمال الغازات التي يطلقها الفحم عند احتراقه لصنع مواد أخرى كالزفت والبلاستيك والأسمدة.
علاقة الفحم الحجري والانبعاثات الغازية
ينتج عن عملية احتراق الفحم الحجري غازات وجزيئات ضارة بالبيئة. يُعتبَر ثنائي أكسيد الكربون الغاز الناتج الرئيسي في هذه المهمة. يمثل ثنائي أكسيد الكربون جزءًا أساسيًا من الغلاف الجوي للأرض فهو يمتص الحرارة ويساعد على الحفاظ على درجات حرارة معتدلة على الأرض. عادة ينتقل الكربون وثنائي أكسيد الكربون باستمرار بين الأرض والمحيطات والغلاف الجوي والكائنات الحية والمتحللة، ويمكن للكربون أن يُخزَن تحت سطح الأرض ما يساهم في توازن دورة الكربون.
لكن تنتج انبعثات كثيرة جدا من الكربون عند استخراج الفحم وحرقه، ويستقر في الغلاف الجوي ويؤثر بشكل سلبي على المناخ ودرجات الحرارة والأنظمة البيئية.
حرائق الفحم الحجري
في ظروف ملائمة من الحرارة والتهوئة والضغط يمكن لشقوق الفحم الحجري أن تشتعل تلقائيًا وأن تحترق تحت الأرض. يمكن للصواعق وحرائق الغابات أن تشعل أجزاء مكشوفة من الفحم، ثم تنتقل الشرارة لـ حقل الفحم بالكامل.
تطلق حرائق الفحم الحجري أطنانًا من الغازات الكربونية في الغلاف الجوي. حتى إذا أُخمدَت الحرائق فوق سطح الأرض قد يواصل الفحم الاحتراق لسنوات دون علمنا، ثم يسبب حرائق غابية مجددًا.
مزايا الفحم الحجري
يبني الفَحم الحجري جزءًا رئيسيًا من ميزانية الطاقة العالمية فهو غير مكلف نسبيًا ويمكن إيجاده في كل جوانب العالم. بعكس الكثير من الطاقات المتجددة (الريح و الطاقة الشمسية) لا يعتمد الفحم الحجري على الطقس والمناخ، لذلك يمكن إنتاجه على مدار الوقت.
نحن نستعمل أنواع الفحم الحجري المختلفة ونعتمد على الكثير من منتجاتها مثل التدفئة والكهرباء. وتعتمد كذلك صناعة الفولاذ المستعمل في الجسور والبنايات المختلفة عليه. قد تُستَعمل المواد الناتجة عن احتراق الفَحم الحجري في إنتاج وقود السيارات.
يوفر التنقيب عن الفَحم الحجري استقرارًا اقتصاديًا لملايين الناس في العالم، فصناعة الفحم تعتمد على اختصاصات عديدة، مثل علماء طبقات الأرض، والمهندسين، وعمال التنقيب، وعلماء الكيمياء، وعلماء الجغرافيا، والمديرين. تعتمد كل البلدان المتقدمة والنامية على صناعة الفحم الحجري.
ما سبب وصف الفحم بالوقود الاحفوري العنيد؟
سبب تسمية الفحم بالوقود الاحفوري العنيد هو صعوبة استخراجه من باطن الارض.
