في هذا المقال، سنلقي نظرة على أشهر أسماء العباقرة الذين عانوا من فقدان بصرهم، لنتأمل كيف يمكن أن تكون التحديات والصعوبات محركًا للنجاح والتميز. وإذا نظرنا إلى السيرة الذاتية للعديد من المبدعين في مختلف المجالات، فسنرى أنهم واجهوا العديد من المحن والعقبات في سعيهم لتحقيق طموحاتهم. إن طريق النجاح دائماً مليء بالأشواك، ولا يستطيع التغلب على هذه الصعوبات وتحقيق أهدافه إلا من يتمتع بالمثابرة والإصرار.
وتشمل هذه العوائق العديد من الصعوبات، بما في ذلك الصعوبات المالية مثل الفقر، أو التحديات الاجتماعية مثل فقدان أحد الأحباء أو الطلاق، أو الحالات الطبية مثل فقدان أحد الأطراف أو الحواس. ومن بين هذه التحديات، يعتبر العمى من التحديات التي تمكن العديد من المبدعين من التغلب عليها، وسنتناول أبرزها في هذا المقال.
العبقري الذي فقد نعمة البصر
المحتويات
هيلين كيلر
تعتبر الكاتبة الأمريكية هيلين كيلر مثالا على الإصرار والتحمل والقدرة على التغلب على العقبات. ولدت في ألاباما عام 1880م وفقدت السمع والبصر في سن مبكرة. ساهم والدها ومعلمتها آن سوليفان بشكل كبير في تعليمها من خلال مساعدتها على تعلم القراءة والكتابة. التحق كيلر بمدرسة للصم ثم أكمل تعليمه في كلية رادكليف.
أكملت هيلين دراستها الجامعية عام 1904. وبعد تخرجها، اتجهت إلى الكتابة للتعبير عن آرائها وأفكارها، مع التركيز على قضايا حقوق المرأة. نشرت حوالي 18 كتابًا، وعملت أيضًا في مؤسسات للمكفوفين، حيث عملت كمستشارة علاقات دولية في إحداها لنشر الوعي حول حقوق المكفوفين. لجهودها الإنسانية حصلت على جائزة الأسود الإنسانية من مؤسسة واشنطن الدولية. توفي كيلر عام 1968 عن عمر يناهز 87 عامًا.
طه حسين
ولم يتوقف طه حسين المعروف بعميد الأدب العربي عن إبداعه ومساهمته الصعبة في الأدب. ولد في المنيا بمصر عام 1889م، وأصيب بالعمى بسبب العلاج غير الصحيح وهو في الثالثة من عمره. تلقى تعليمه بمقرة ثم التحق بجامعة الأزهر حيث حصل على الدكتوراه عام 1914م ثم في الفلسفة الاجتماعية عام 1917م. وبعد التخرج واصل دراساته العليا وقام بالتدريس في الجامعة. وفي عام 1950 تم تعيينه وزيراً للتعليم، ونال إعجاب الكثيرين.
ترك طه حسين وراءه العديد من الأعمال الأدبية المتميزة، منها رواية “صلاة العندليب” وقصة سيرته الذاتية “تلك الأيام”. عرف بأفكاره الداعمة لحقوق المرأة وحرية الفكر، مما جلب له شهرة عالمية وحصل على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 1973م، وهو نفس العام الذي توفي فيه.
ابو العلاء المري
ويعتبر أبو العلاء مرعي من أهم الشخصيات التي أثرت في الأدب العربي. ولد سنة 363 هـ، وأصيب بالعمى في سن مبكرة. ومع ذلك، لم يتردد في طلب العلم، وتعلم اللغات والفقه والنحو عن والده، والسفر إلى بغداد في العصر العباسي لزيادة علمه. تتلمذ على يد أشهر الأدباء والعلماء مثل خليل بن عبد الجبار القزويني، وأبو مكارم عبد الوارث بن محمد أبهري.
عرف المعري بالذكاء وسرعة الفهم وعمق المعرفة، وقد كتب في مجالات مختلفة منها الفلسفة واللغات وعلوم القرآن والنحو. وترك وراءه مجموعة كبيرة من المؤلفات تقدر بحوالي 200 كتاب، أشهرها إقليدس الغبات، والضوء الساقط، ومثقال النظام، وعبد الوليد. كما له العديد من الدواوين الشعرية الشهيرة مثل: “فت الزند”، و”جامع الأوزان”، و”ضرورة ما لا يجب”. وعاش طويلاً حتى وفاته عن عمر يناهز الثالثة والثمانين.