لماذا نفي احمد شوقي الى اسبانيا؟? لا يمكن الحديث عن شخصيات الشعر العربي العظيمة دون الإشارة إلى الشاعر أحمد شوقي. يعد شوقي واحدًا من أشهر الشعراء في التاريخ العربي وهو شاعر تميز بأسلوبه الخاص والمميز في الشعر الحديث. إلا أن العديد من الناس يتساءلون عن السبب وراء نفيه إلى إسبانيا في عام 1892، وهي القضية التي تحيط بها الكثير من الغموض والتساؤلات.
تعود بداية القضية إلى زيارة أحمد شوقي للقاهرة في 1889 حيث قام بنشر مقالة بعنوان “ذيول الكلاب”، والتي كانت تنتقد الحكومة المصرية المتنازع عليها وخاصة وزير الداخلية الذي كان يظهر علنًا بأنه يعمل من أجل المصلحة العامة. لم يكن هذا المقال موضع إعجاب الحكومة المصرية وقامت بعد ذلك بتجميد كل أعمال الشاعر وتعيينه في منصب بعيد عن الضجة العامة.
وفي عام 1892، تم إعادة افتتاح القضية من جديد عندما قام شوقي بتعزية الخديوي توفيق بخطاب يتضمن بعض الانتقادات الحادة للحكومة والبيروقراطية التي يفرضها الفرنسيون الذين كانوا حينها يمثلون قوة مهمة في الحكومة. وعلى الرغم من أن شوقي لم يكن يقصد التعدي على رموز الحكومة، إلا أن كلامه كان يفتح الباب أمام بعض الانتقادات التي لم تكن ستلقى بمزيد من الصدق.
وقد تم تصعيد الأمر إلى النيابة العامة التي قررت إحالة شوقي إلى المحكمة، وتم الحكم عليه بالسجن 45 يومًا، بالإضافة إلى تغريمه بمبلغ 100 جنيه. ولكن بسبب شعبية شوقي والتأثير الذي يحظى به في الشعر العربي، قررت الحكومة إعدام العقوبة بالسجن وإنزالها إلى نفي لمدة سبع سنوات إلى إسبانيا.
لقد كانت قضية نفي أحمد شوقي إلى إسبانيا حادثة أليمة لعشاق الشاعر وللوسط الثقافي المصري، وكان هذا النفي يشكل حدثًا تاريخيًا كبيرًا في توافر حرية التعبير في البلاد. إلا أن شوقي اتخذ هذه الفترة من حياته للكتابة والابتعاد عن السياسة، حيث نجح في الكتابة والنشر على نحو ملحوظ ومنحه المكانة التي يستحقها في الشعر العربي.
في النهاية، يجب علينا التفكير في قضية نفي أحمد شوقي إلى إسبانيا باعتبارها واحدة من العديد من القضايا التي ما زالت تؤثر على حرية التعبير والديمقراطية في العالم العربي والعالم بأسره. علينا العمل معًا على تغيير الظروف التي تتسم بحكوماتٍ غير ديمقراطية والتي تسعى إلى إسكات الأصوات الحرة وإطفاء النضال والمقاومة المدنية.