مقدمة:
تُعتبر ملحمة ميسلون واحدةً من أشهر الملاحم التي كتبتها الأدب العربي القديم، إذ يُعتقد أنها تشكل روايةً عن الحرب الأسطورية التي جرت بين العرب والروم فى القرن الأول الميلادي، والتي انتهت بفوز العرب فيها، وينتهي نص القصيدة بنصر حقيقي للعرب، مما جعلها محطَ اهتمام الكثيرين من الأدباء والباحثين القدامى والحديثين، ففي هذا المقال سنتناول شرح وتحليل لفقرة من الملحمة.
الفقرة:
– “ضرب الجيوش بسيف الطفل، يجيء من اللهب بنور، وبالنور مفتاح البلدان، بدم خفاج العايب الور، نار جهنم في أنفاسهم، رجم المذابح الأسود يكصُّ بدول، اصبحت السيوف أحد، وأنفاس الأحياء تختلج بالدماء، وترك الميتون للاحية تحت نعال”, هذه الفقرة تتحدث عن المواجهة المريعة بين الجيوش العربية والرومانية في وادي ميسلون ، حيث يصف المؤلف بزخمٍ شديدٍ كيف تقوم الجيوش العربية بضرب جيوش الرومان بسيوفها الحادة. ويُتحدث إن أساس الفوز للعرب كان بفضل السياط النارية (جهنم) التي قاموا بإطلاقها في وجوه الرومان ، والتي اضطرتهم لـ التراجع والاستسلام.
– ثم يعرض المؤلف لصورة مرعبة عن المشهد الذي كان يحدث في الميدان بقوله “رجم المذابح الأسود يكصُّ بدول”، تُظهر هذه الجملة قسوة المعركة وبطولة الجنود الذين يتعاملون بشدة وصلابة مع أعدائهم، وكأن الأسود السوداء التي فروهم، لا يكاد يختلف بينهم وبين أعدائهم الرومان.
– وفي الختام يصف الشاعر حالة الفزع والهلع التي سادت بين جيش الرومان بعد إطلاق السيوف عليهم، موضحًا كيف وقع الموت والدماء في كل مكان، وبقدرة السيوف التي كانت تشرع رؤوس العدوى ؛ “وَأَنْفَاسُ الْأَحْيَاءِ تُخْتَلَجُ بِالدَّمَاءِ، وَتَرَكَ الْمَيْتُونَ لِلْأَحْيَاءِ تَحْتَ نَعَالٍ”، هذه الكلمات تطوّرُ النزاع بين الرموز الشاعرية وتأسر الذاكرة بإتقانها وعمقها ؛ فالمؤلف يجعل القارئ يشعر بواحدة من أكثر المواقف المستعصاة والمؤلمة في أي صدام.
الخلاصة:
إن ملحمة ميسلون كعموم إبداعات الأدب العربي القديم، يسودها الشغف والاندفاع والأسطورة، بل إنها تعد من أهم ملاحم التاريخ الحقيقي الذي ارتبط بالجغرافيا والأساطير والعوامل المختلفة التي جعلت منها عملا سحريا يحفر في قلوب القراء، حيث تمكنت أن تخلق مشهدا مرعباً ومثيراً للشجاعة والهجوم، ترمي من خلاله لـ تمجيد الشجاعة والنضال والتحدي في وجه الخصوم.
