إن الله – عَزَّ وجَلَّ – خصَّ هذه الأمة المسلمةَ بخصائصَ عظيمةٍ وجليلةٍ عن سائرِ الأُمم، وإنَّ الله أفردَها وميزَّها عن بقيةِ الأُممِ، فالمتأمِّلُ لهذه الأمةِ, وما خَصَّها اللهُ – عَزَّ وجَلَّ – به من الخصائصِ يجد العَجَبَ العُجَوالدَ؛ لما حباه اللهُ لهذه الأمة عن غيرِها فكانت من أفضلِ الأُممِ، وكان رسولهُا أفضلَ الرُّسلِ, ودينُها افضلَ الأديانِ، فهي أمةٌ مخصوصةٌ ومصطفاه، وإننا في هذا السياق سنذكر ما تيسَّر ذكرُهُ من الخصائص التي خصَّها الله – عَزَّ وجَلَّ – لهذه الأمة عن غيرِها من الأُممِ السَّابقةِ، وإليك هذه الخصائصَ:
المنة التي امتن الله تعالى بها على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذكرت في الآيات هي
المحتويات
1 – اختصاصها بالخيرية:
تحدثَ اللهُ – عَزَّ وجَلَّ -: {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس} آل عمران 110.
وعن بَهْزِ بنِ حَكِيمٍ عن أبيه عن جَدِّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نُكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرُها) رواه ابن ماجه (4288), وصححه الألباني في “صحيح سنن ابن ماجه” (2/2426/1433) رقم هاتف 4287.
2 – اختصاصها بأنها لا تجُمع على ضلالة:
وعن ابن عَبَّاسٍ – رَضيَ اللهُ عنهُ – مرفوعاً: أنَّ رسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبداً, ويدُ اللهِ على الجماعةِ) الحاكم في المستدرك (1/116).
وعن ابن عمر مرفوعاً: (لا يجمعُ اللهُ هذه الأمةَ على ضلالةٍ، ويدُ اللهِ مع الجماعةِ، وعليكم بالسَّوادِ الأعظمِ, ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النَّارِ) أخرجه الحاكم (1/115).
وقد ثبت عن أبي مسعود أنه تحدث: ( عليكم بالجماعة فإنه الله لا يجمع أمةَ مُحمَّدٍ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – على ضلالة) أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة (1/41 – 42) بسندٍ جيدٍ قاله الألبانيُّ.
3 – اختصاصها أنها أول الأمم دخولاً الجَنَّة:
عن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أول زمرة تلج الجَنَّة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذّهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحدٍ منهم زوجتان يُرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحدٌ، يسبحون الله بكرةً وعشياً) البُخاريُّ – الفتح (6/367) رقم هاتف الحديث (3245) كتاب بدء الخلق, باب ما جاء في صفة الجَنَّة وأنها مخلوقة.
وعن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجَنَّة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له (تحدث يوم الجمعة) فاليوم لنا، وغداً لليهود، وبعد غدٍ للنّصارى) صحيح مسلم (2/585 – 586) رقم هاتف (855), كتاب الجمعة, باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة.
4 – اختصاصها بالوسطية والشهادة على النَّاس:
تحدث تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاس} (143) سورة البقرة.
وعن أبي سعيدٍ – رضي الله عنه – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (يجيء نوحُ وأمته، فيقول الله – تعالى-: هل وصلت؟ فيقول: نعم، أي ربِّ!! فيقول لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبيّ!! فيقولُ لنوح: من شهد لك؟ فيقول: مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – وأمته، فنشهد أنه قد بلغ، وهو قوله – جَلَّ ذكره -: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على النَّاس)(143: البقرة)،البُخاريُّ – الفتح (6/427) رقم هاتف (3339) كتاب الأنبياء قول الله : (ولقد أرسلنا نوحاً…) الآية.
5 – اختصاصها بأنها أكثر الأمم دخولاً الجَنَّة:
عن عبد الله بن مسعود – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: (كنا مع النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – في قبة فقال: أترضون أن تكونوا رُبع أهل الجَنَّة؟ قلنا: نعم، تحدث: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجَنَّة؟ قلنا: نعم، تحدث: والذي نفس مُحمَّد بيده إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجَنَّة، وذلك أن الجَنَّة لا يدخُلها إلا نفسٌ مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر) البُخاريّ – الفتح (11/385) رقم هاتف (6528) كتاب الرقاق باب الحشر.
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (أهل الجَنَّة عشرون ومئة صف؛ ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم) رواه ابن ماجه (2/1433 – 1434) و تحفة الأحوذي ( 7/254 – 255 ) وهو صحيح لطرقه.
6 – اختصاصها أن مرض الطاعون شهادة لها:
عن عائشة – رَضيَ اللهُ عنهُا – زوجِ النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – قالت: سألتُ رسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – عن الطاعون، فأخبرني أنه عذابٌ يبعثه اللهُ على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يُصيبه إلا ما صرح اللهُ له إلا كان له مثل أجر شهيد. البُخاريُّ – الفتح (6/593) رقم هاتف (3474) كتاب الأنبياء.
وعن أنس بن مالك – رَضيَ اللهُ عنهُ – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (الطاعون شهادة لكل مسلم) البُخاريّ مع الفتح رقم هاتف (2830) كتاب الأنبياء، باب الشهادة سبع سوى القتل.
وعن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشكر الله له، فغفر له) ثم تحدث: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله) البُخاريُّ – الفتح (652 – 653) كتاب الأذان ( 2/ 163) باب فضل التهجير لـ الظهر.
7 – اختصاصها بأن صفوفها كصفوف الملائكة:
عن حذيفة – رَضيَ اللهُ عنهُ – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (فُضِّلنا على النَّاس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً وتربتها طهوراً، وأعطيت انتهاء سورة البقرة فهن من كنز تحت العرش) صحيح مسلم (1/371) رقم هاتف (522) كتاب المساجد.
8 – اختصاصها بأن سبعين ألفاً منها يدخلون الجَنَّة بغير حساب:
عن عمران بن حصين – رَضيَ اللهُ عنه – تحدث: (لا رقية إلا من عين أو حُمةٍ) فذكرته لسعيد بن جبير فقال: حدثنا ابن عَبَّاسٍ تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – : (عُرضت عليّ الأمم، فجعل النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ والأنبياء يمرون معهم الرهط، والنَّبيّ ليس معه أحد، حَتَّى رُفع لي سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر لـ الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق!! ثم قيل لي: انظر هاهنا وهاهنا – في آفاق السماء – فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل: هذه أمتك، ويدخل الجَنَّة من هؤلاء سبعون ألفاً بغير حساب…) الحديث. البُخاريُّ – الفتح (10/164) رقم هاتف (5705) كتاب الطب باب من اكتوى أو كوى غيره , وفضل من لم يكتو.
وعن سهل بن سعد – رَضيَ اللهُ عنهُ – أن رسول الله – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (ليدخُلنَّ الجَنَّة من أمتي سبعون ألفاً، أو سبعمائة ألفٍ – لا يدري أبو حازم أيهما تحدث – متماسكون، آخذُ بعضهم بعضاً، لا يدخل أولهم حَتَّى يدخل آخرهم، ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر) صحيح مسلم :(1/198 – 199) رقم هاتف (219) كتاب الأيمان, باب موالاة المؤمنين, ومقاطعة غيرهم, والبراء منهم.
9 – اختصاصها بأنها كالغيث لا يدري أوله خير والدة آخره:
عن أنس – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (مثل أمتي مثل المطر لا يُدرى أوله خير والدة آخره) أخرجه التِّرمذيُّ، وقال: حسن (2869)، وقال الشيخ الألباني – في المشكاة -: صحيح لطرقه (المشكاة 6277).
10 – اختصاصها بصلاة العشاء:
عن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – تحدث: أبقينا النَّبيّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – في صلاة العَتَمَة فأخرى حَتَّى ظنَّ الظان أنه ليس بخارج والقائل منّا يقول: صلّى، فإنّا لكذلك حَتَّى خرج النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – ، فقالوا له كما قالوا، فقال: (أَعتِموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فُضِّلتُم بها على سائر الأمم، ولم تُصلِّها أمةٌ قبلكم) صححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (1/85) رقم هاتف (421).
11 – اختصاصها بأن الله جعل لها الأرض مسجداً وطهوراً:
عن جابر بن عبد الله – رَضيَ اللهُ عنهما – تحدث: (أُعطيتُ خمساً لم يُعطهن أحدٌ قبلي: نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ..) الحديث, البُخاريُّ – الفتح (11/519) رقم هاتف (335) كتاب التيمم.
وفي رواية أخرى عن ابن عمر – رضي الله عنهما -: أن رسول الله – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – عام غزوة تبوك قام يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حَتَّى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم: (لقد أعطيت خمساً ما أعْطيهنّ أحد قبلي – وذكر منها -: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً…) الحديث. مسند أحمد مع شرح أحمد شاكر (12/25 – 26) رقم هاتف (7068) وقال: إسناده صحيح.
12 – اختصاصها أن الله جعل لها التيمم عند عدم الماء:
خصَّ اللهِ – عَزَّ وجَلَّ – هذه الأمة بهذا الأمر، وإنْ دل فإنما يدل على تفضيل الله لهذه الأمة على من سبقها؛ لأنه لم يُشرع في حقهم التيمم، وهذا يدل على سعة رحمة الله بهذه الأمة، وأنه ما شرع لهم إلا الخير والبركة واليُسر، ولم يشدد عليهم كما شدد على بني إسرائيل وغيرهم من الأمم السابقة المتمردة كما تحدث – سبحانه -: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الآية. راجع القول الأحمد في خصائص أمة مُحمَّد.
وعن أبي ذر – رَضيَ اللهُ عنهُ – مرفوعاً فيه ذكر طهور المسلم: (إن الصَّعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليَمسَّه بشرته فإن ذلك خير) رواه أبو داود رقم هاتف (332)، وقال حسن صحيح كتاب الطهارة، وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي دواود (صحيح) والله أدري.
13 – اختصاصُها بأنها تأتي يوم القيامة وهُمْ غرٌّ من السجود مُحجَّلُون من الوضوء:
عن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (ترد عليّ أمتي الحوض، وأنا أذود النَّاس عنه كما يذود الرّجل إبل الرّجل عن إبله) قالوا: يا نبي الله! أتعرفنا؟ تحدث: ( نعم، لكم سيما ليست لأحدٍ غيركم، تردون عليّ غرّاً محجَّلين من آثار الوضوء…) الحديث. صحيح مسلم (1/217) رقم هاتف (247) كتاب الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.
وكذلك حديث: (ما من أحدٍ مِنْ أُمَّتي إلا وأنا أعرفه يومَ القيامة)، قالوا: كيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق؟ تحدث: (أرأيت لو دخلت صبرة فيها خيل دُهم بُهم، وفيها فرس أغر مجمل، أما كنت تعرفه منها؟ تحدث: بلى، تحدث: فإن أمتي يومئذٍ غر من السجود مُحجَّلُون من الوضوء) أخرجه أحمد بسند صحيح, والتِّرمذيُّ, وهو مخرَّجٌ في “السلسلة الصحيحة”, وراجع: “صفة صلاة النَّبيِّ” للألباني ص149.
14 – اختصاصها بأنَّ عيسى – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – يُصلِّي وراء ولي من هذه الأمة:
عن جابر بن عبد الله – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: سمعتُ رسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – يقولُ: (لا تبقى طائفةٌ من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين لـ يوم القيامة، تحدث فينزل عيسى ابن مريم – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – فيقول أميرهم: تعال صَلِّ لنا!! فيقولُ: لا إن بعضكم على بعضٍ أمراءٌ تكرمة الله هذه الأمة) صحيح مسلم ( 3/ 1524) رقم هاتف 1037 كتاب الإمارة باب قوله – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم – لا تبقى طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم.
15 – اختصاصها بيوم الجمعة:
عن حذيفة – رضي الله عنه – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبعٌ لنا يوم القيامة، ونحن الآخرون من أهل الدُّنيا والأولون يوم القيامة، المقضيُّ لهم قبل الخلائق) راجع : كتاب“صحيح الترغيب والترهيب” (ص701) للشيخ الألباني.
وعن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – أنه سمَع رسولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – يقول: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثمَّ هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله، فالنَّاس لنا فيه تبعُ: اليهود غداً، والنصارى بعدَ غدٍ) البُخاريُّ – الفتح (2/412) رقم هاتف (876) كتاب الجمعة باب فرض الجمعة.
16 – اختصاصها بأن الله أحلَّ لها الغنائم:
عن جابر – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أُعطيت خمساً لم يُعطهن أحد من الأنبياء: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النَّبيّ يبُعث لـ قومه خاصَّة وبُعثت لـ النَّاس عامة) البُخاريُّ – الفتح (1/519), رقم هاتف الحديث 335 كتاب التيمم.
وعن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدث النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (غزا نبيٌّ من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأةً وهو يرغب أن يبني بها ولمّا يبنِ بها، ولا أحد بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها، ولا انتهاء اشترى غنماً أو خلفات وهو ينتظر ولدها، فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس: إنَّك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحُبست حَتَّى فتح الله عليهم، فجمع الغنائم، فجاءت يعني النار لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولاً فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءُوا برأس بقرة من الذهب فوضعها، فجاءت النار فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلَّها لنا) البُخاريُّ – الفتح (6/254) رقم هاتف (3124) كتاب الخمس, باب قول النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: أحلت لكم الغنائم.
17 – اختصاصها بأن الله أحلَّ لها بعضَ الأطعمة:
فعن ابن عمر – رَضيَ اللهُ عنهما – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أُحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال) رواه أحمدُ (2/92) وابن ماجه (3314) وأورده الألباني في السلسلة الصحيحة رقم هاتف (1118).
18 – اختصاصها بأن قُبض رسولها – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – قبلها:
عن أبي موسى – رضي الله عنه – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (إن الله – عَزَّ وجَلَّ – إذا أراد رحمة أمةٍ من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطاً (أي المتقدم لـ الماء ليهيء السقى)، وسلفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمةٍ عذَّبها ونبيها حيّ، فأهلكها وهو ينظرْ، فأقرَّ عينهُ بهلكتها وقت كذبوه وعصوا أمره) صحيح مسلم رقم هاتف (2288) (4/1792) كتاب الفضائل باب إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها.
وهذا من خصائص أمة مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -، فإنه ما من نبي من الأنبياء إلا رأى عذاب قومه بعينه، أو حصل لهم عذاب وهو حي بين ظهرانيهم ابتداء من نوح – عليه السلام – وقد دعا على قومه، فاستجاب الله له فأهلكهم جميعاً حَتَّى ابنه، وكذلك قوم لوط حَتَّى امرأته كانت من الغابرين، وقوم شعيب أخذتهم الرجفة، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – أن كل نبي تعجل دعوته على قومه في الدُّنيا إلا النَّبيّ مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – قد خبأ دعوته لأمته لـ يوم القيامة، وغيرها من الأحاديث التي تدل على هذه الخصيصة من خصائص أمة مُحمَّد. أ.هـ. نقلاً من “القول الأحمد في خصائص أمة مُحمَّد” بتصرف (85 – 87).
19 – اختصاصها بكثرة أنواع الشهادة:
امتن الله على هذه الأمة بأن جعل أنواع الشهداء فيها كثير بعد أن كان الشهيد في الأمم السابقة هو الذي استشهد في المعركة فقط، ويدل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنه – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (ما تعدون الشهيد فيكم؟) قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد!! تحدث: (إنَّ شهداء أمتي إذاً لقليل)!! قالوا: فمن هم يا رسول الله؟! تحدث: (من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، وفي لفظ (والغريق شهيد) صحيح مسلم (3/1521) رقم هاتف (1915) كتاب الإمارة باب بيان الشهداء.
وفي هذا الحديث قرينه تدل على أن الأمم السابقة لم يعطهم الله – جل وعلا – أنواع الشهادة التي مرت خلا القتل في سبيل الله، والقرينة هي كلمة (أمتي) فهي مشعرة باختصاص هذه الأمة بهذه الأنواع من الشهادات. القول الأحمد ص95.
20 – اختصاصها بأنها أمة أقل عملاً وأكثر أجراً:
عن ابن عمر – رَضيَ اللهُ عنهُما – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (مثلكم ومثلُ أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أُجراءَ فقال: مَن يعمل لي من غدوة لـ نصف النَّهار على قيراطٍ؟ فعملت اليهود، ثم تحدث: من يعمل لي من نصف النّهار لـ صلاة العصر على قيراطٍ؟ فعملت النصارى، ثم تحدث من يعمل لي من العصر لـ أن تغيب الشمسُ على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاءً؟ تحدث: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا، تحدث: فذلك فضلى أوتيه من أشاء) البُخاريُّ – الفتح ( 4/ 521) (2268) كتاب الإجارة باب الإجارة لـ نصف النهار.
ومن ذلك حديث البراء – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: ( أتى النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – رجلٌ مقنَّع بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ تحدث: أسلم، ثم قاتل!! فأسلم ثمّ قاتل فقُتل، فقالَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: عمل قليلاً وأجر كثيراً) البُخاريُّ مع الفتح رقم هاتف (2808) كتاب الجهاد والسير ( 6/ 30 ) باب عمل صالح قبل القتال.
21 – اختصاصها بأنهم شهداء الله في الأرض:
وهذه خاصية عظيمة انفردت بها أمة مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – من غير الأمم بفضل ربها – سبحانه وتعالى -. القول الأحمد (ص127).
ويوضح هذه الخاصية حديث عبد العزيز بن صهيب تحدث: سمعتُ أنس بن مالك – رَضيَ اللهُ عنهُ – يقول: (عاشُّوا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النَّبيُّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: وجبتْ!!، ثم عاشُّوا بجنازة فأثنوا عليها شراً فقال: وجبتْ!! فقال عمر بن الخطاب – رَضيَ اللهُ عنه -: ما وجبت؟، تحدث: هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبتْ له الجَنَّة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض) البُخاريُّ – الفتح (1367)، كتاب الجنائز ( 3 : 270 ) باب ثناء النَّاس على الميت.
22 – اختصاصها بالعذر بالإكراه:
العذر بالإكراه من خصائص أمة مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -، فقد وضع الله – سبحانه وتعالى – عن هذه الأمة ما أُكرهت وأُجبرت على فعله، وأسقط عنها – جلَّ وعلا – الإثمَ والحرج بذلك، فلم يؤاخذها على الفعل. القول الأحمد (ص133).
يشهد لهذا حديث ابن عَبَّاسٍ – رَضيَ اللهُ عنهُما – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) صحيح ابن ماجه رقم هاتف (2045) (1/348) وقال الألباني: صحيح.
وعن أبي هُرَيْرة – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ الله تجاوز لأمتي عمّا توسوس به صدورُها ما لم تعمل به، أو تتكلم به، وما استُكرهوا عليه) صحيح ابن ماجه رقم هاتف (2044) المصدر السابق.
23 – اختصاصها بأنها أول الأمم إجازة على الصراط:
وقد أكرم الله هذه الأمة بأن تمر على الصراط قبل الأمم جميعاً، وفي الحديث الطويل عن أبي هُرَيْرة – رضي الله عنه -: (… ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أوّل من يجيز، ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل… الحديث) صحيح مسلم رقم هاتف (182) (1/163 – 164) كتاب الإيمان.
24 – اختصاصها بأنها أول من تحاسب:
ومما خصَّ اللهُ – سبحانه وتعالى – أُمَّةَ مُحمَّد – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – وفضَّلها به على غيرِها من الأُممِ أنَّ الله – جَلَّ وعَلا – جعلها أول مَن يُحاسبُها ويُقدِّمها على غيرِها بالرغمِ مِن أنها انتهاءُ الأُممِ التي أخرجَها اللهُ للنَّاسِ. القول الأحمد ص185.
ويدلُّ على ذلكَ حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ – رَضيَ اللهُ عنهُما – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نحن انتهاءُ الأمم، وأول مَن يُحاسب، يُتحدث: أين الأمة الأميةُ ونبيها؟ فنحن الآخرون الأولون) صحيح ابن ماجه للألباني رقم هاتف (4290) وقال: صحيح، وانظر:” السلسلة الصحيحة” (2374).
25 – اختصاصها بأن الكافر فداء للمسلم يوم القيامة:
ومما أكرم اللهُ – جَلَّ وعَلَا – به هذه الأمةَ وخصَّها يومَ القيامةَ أنْ جعلَ كلَّ كافرٍ فداءً لكلِّ مُسلمٍ من النَّارِ. القول الأحمد (209).
فعن أنسِ بن مالكٍ – رضي الله عنه – تحدثَ: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ هذه الأمة مرحومةٌ، عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامةِ دُفِعَ لـ كلِّ رجلٍ من المسلمين رجلٌ من المشركين فيُتحدثُ: هذا فِداؤك من النَّارِ) صحيح ابن ماجه رقم هاتف (4292) وقال الألباني :صحيح. انظر السلسلة الصحيحة رقم هاتف (959 و 1381).
26 – اختصاصها بالسلام والتأمين:
ومن خصائص هذه الأمة أنْ خصّها اللهُ – جَلَّ وعَلَا – بخصيصتين: السلام, والتأمين؛ من غير الأمم. القول الأحمد (ص35).
فعن عائشة – رَضيَ اللهُ عنهُا – عن النَّبيِّ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ – تحدث: (ما حسدتكم اليهودُ على شيءٍ ما حسدتكم على السَّلامِ والتأمين) صحيح ابن ماجه رقم هاتف (856)، والسلسلة الصحيحة رقم هاتف (691).
27 – اختصاصها بأنها أمةٌ محفوظةٌ من الهلاكِ والاستئصالِ:
فعن ثوبان – رَضيَ اللهُ عنهُ – تحدث: تحدثَ رسولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ الله زَوَى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها، وأُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض, وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلكها بسنةٍ عامةٍ، وأن لا يُسلِّط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإنَّ ربي تحدث: يا مُحمَّدُ إني إذا قضيتُ قضاءً فإنَّهُ لا يُردُّ، وإني أعطيتُك لأمتك أنْ لا أهلكهم بسنةٍ عامةٍ, وأنْ لا أسلطَ عليهم عدواً مِن سوى أنفسِهم يستبيحُ بيضتَهم ولو اجتمعَ عليهم مَن بأقطارِها حَتَّى يكونَ بعضُهم يُهلك بعضاً، ويسبي بعضُهم بعضاً) رواه مسلم رقم هاتف (2889).
المنة التي امتن الله تعالى بها على أمة محمد صلى الله عليه وسلم وذكرت في الآيات هي؟
أن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، جعلهم الله شهداء على الأمم السابقة يوم القيامة.