ما حكم الشرع في من لا يستطيع أن يسامح من ظلمه ؟؟؟ هل هو حرام أم حلال حيث يتسائل الكثير عن اجابة هذا السؤال , فهو من الأسئلة الدارجة في محركات البحث , ونحن في موقع بوكسنل نضع بين ايديكم الدليل بالقرآن والسنة على اجابة هذا السؤال …
ما حكم الشرع في من لا يستطيع أن يسامح من ظلمه
المحتويات
لقد ذكرت الكتب السماوية إن المسلم إذا علمَ عظيم الأجر من الله على عفوه عمن ظلمه ، ومسامحته له وهو قادر على رد الإساءة ، تطلع إلى ذلك الأجر والثواب وعفا وسامح في حقه ، حتى ولو لم يكن العفو فرضا واجبا عليه في الأصل ؛ وهو ما ندعوكِ إلى فعله حتى تنالي أجر العفو والمسامحة من رب العالمين ، يوم تكونين أحوج شيء إلى حسنة تزيدين فيها صحائفك ، قال الله تعالى ( إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهْ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوء فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً ) النساء/ 149 .
حيث قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – : ” يعني بذلك : أن الله لم يزل ذا عفو على عباده مع قدرته على عقابهم على معصيتهم إياه ، فاعفوا أنتم أيضاً أيها الناس عمن أتى إليكم ظلماً ، ولا تجهروا له بالسوء من القول ، وإن قدرتم على الإساءة إليه ، كما يعفو عنكم ربكم مع قدرته على عقابكم وأنتم تعصونه وتخالفون أمره ” انتهى من “تفسير الطبري” ( 9 / 351 ).
وقال الله تعالى ( وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ . وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ ) الشورى/ 39 ، 40 .
قال ابن كثير – رحمه الله – : ” فشرع العدل وهو القصاص ، وندب إلى الفضل وهو العفو ” انتهى من ” تفسير ابن كثير ” ( 7 / 212 ) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – : ” وفي جعل أجر العافي على الله : تهييج على العفو ، وأن يعامل العبدُ الخلقَ بما يحب أن يعامله الله به ، فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم ؛ فإن الجزاء من جنس العمل
هل يأثم من لا يسامح من ظلمه
إن كون من لا يسامح لا يسامحه الله غير صحيح، وذلك أن المعتدي عليه قد سوغ له الشارع أن يقتص وينتصر لنفسه، كما قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ {البقرة:194}،
وقال تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ {الشورى:41}، ولكن الأفضل للمسلم أن يعفو ويصفح لينال أجر العافين، ومنه دخول الجنة وغفران الله له، فقد قال الله تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .
هل يعاقب الله تعالى الظالم إذا سامحه المظلوم؟
الأول: حق الله تعالى، فالظالم عاصٍ لله عز وجل بظلمه، وهذا الحق يغفره الله عز وجل إذا تاب الظالم إليه توبة صادقة لا يعود بعدها لذنبه، والعزم على إصلاح ما أفسده.
الثاني: حق العباد الذين ظلمهم، وهذا حق لا يتركه الله عز وجل، حتى يعفو العبد عمن ظلمه في الدنيا والآخرة، ويسأل الله له المغفرة والرحمة، وإما أن يقع القصاص على الظالم وبذلك يسقط حق المظلوم.
وهذه شروط أقرها العلماء فيما يخص بالعفو عن الظالم فيما ظلم، وفي هذا المقام ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث نصه: ” من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه”.
وإذا عفا المظلوم عن ظالمه فلا رجعة في العفو، وما يسقط الظالم لا يعود له إلا بارتكابه ظلماً آخر، وبسقوط الذنب يتلاشى، وحاله يصبح بحال المعدوم.
وقد نهى عن الدعاء على الظالم بعد العفو عنه أو بعد تطبيق القصاص بحقه، وقد قال الله عز وجل: ” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” سورة الأعراف / 55.
وعن عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلًا بهمًا، فيناديهم مناد بصوت يسمعه مَن بعُد كما يسمعه مَن قرُب: أنا الملك، أنا الديَّان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، حتى اللطمة فما فوقها، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة، حتى اللطمة فما فوقها، “وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا” سورة الكهف /49، قلنا: يا رسول الله، كيف وإنما نأتي حفاة عراة غرلًا، بهمًا؟ قال: بالحسنات والسيئات جزاءً وفاقًا، ” وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا”.