ما هي الخصخصة ويكيبيديا
المحتويات
الخصخصة أو الخوصصة مصطلح حديث نسبياً، وقد أشارت الكتابات الاقتصادية التي عالجت الخصخصة إلى أكثر من مُسمى. فقد قيل “الخصخصة” أو “التخصيص” أو “التحول إلى القطاع الخاص”(هامش)، وكلها مفردات تُفيد حالة انتقال الملكية من المؤسسات الحكومية (ما يُسمى بالقطاع العام) إلى القطاع الخاص. كما تُشير الخصخصة على النطاق الأوسع إلى إدخال قوى السوق وآليات العرض والطلب والمنافسة إلى اقتصاد الدولة. وفي كثير من الحالات (خاصة في وسائل الإعلام غير المتخصصة) يُشير المصطلح – ببساطة– إلى بيع المشروعات العامة للقطاع الخاص. وبين هذين البُعدين المتطرفين عَبَّر الكتاب المختلفون عن معانٍ مختلفة. والخصخصة لا تقدم قيمة مضافة لموازنة الدولة عند سعر السوق العادل، وإنما فقط تقوم بتحويل أصل من صيغته الحقيقية إلى سيولة نقدية.
تعريف الخصخصة
عرَّف “دونالد ستون” الخصخصة بأنها: “أي تحويل للملكية أو الإدارة من القطاع العام إلى القطاع الخاص، بشرط أن تتحقق السيطرة الكاملة للقطاع الخاص، والتي لا تتحقق في الغالب إلاّ بالانتقال الفعلي لملكية الأغلبية إلى القطاع الخاص”. وعلى العكس من ذلك يُعرف “راما ندام” (1989) الخصخصة بأنها: “سلسلة متصلة عريضة من الإجراءات تمتد بين إلغاء التأميم، من ناحية، ونظام السّوق، من الناحية الأخرى”. ويصف الخصخصة بأنها مدى تدخل عمليات المشروع العام داخل نظام قوى السوق، بما فيها التحرير والخروج عن اللوائح الحكومية.
فيما ذهب “لي كوان” إلى تعريف الخصخصة بوصفها “تحويل أو نقل أي نشاط أو تنظيم أي وظيفة من قطاع الأعمال العام، إلى النشاط الاقتصادي الخاص”. ويتفق هذا التعريف مع المفهوم الذي قدمه “حسين عمر” للخصخصة بوصفها “تحويل الاقتصاد المصري إلى اقتصاد يعتمد على القطاع الخاص بدرجة كبيرة، وذلك عن طريق بيع الأصول والوحدات الإنتاجية المملوكة للدولة – كلاً أو جزءاً – لقطاع الأعمال العام، إما بشكل مباشر أو عن طريق طرح أسهم الشركة للبيع في الأسواق المالية”.
وبناءً على ما سبق، يمكن تعريف الخصخصة بشكل أكثر تحديداً بوصفها مجموعة متكاملة من السياسات والإجراءات، التي تكفل نقل ملكية وإدارة المشاريع العامة أو المشتركة إلى القطاع الخاص، من أجل تحقيق التنمية بالاعتماد على حرية المنافسة، وتشجيع المبادرات الفردية، وتعبئة موارد القطاع الخاص، وإصلاح الجهاز الإداري للدولة، وتبسيط الإجراءات الحكومية.
مفهوم الخصخصة
تستحوذ عبارة الخصخصة أو التخصيص أو الخوصصة على اهتمام معظم دول العالم سواء كانت متقدمة أو نامية وهي جميعها تسميات لمصطلح اقتصادي باللغة الإنكليزية أو الفرنسية لكلمة (privatisation).
وفي واقع الأمر تحدد جوهر عملية الخصخصة بوصفها مجموعة من السياسات المتكاملة، التي تستهدف الاعتماد الأكبر على آليات السوق، ومباداءات القطاع الخاص والمنافسة، من أجل تحقيق أهداف التنمية والعدالة الاجتماعية. ومن ثَم، لا تقتصر عملية الخصخصة على فكرة بيع وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، وإنما هي عملية أوسع نطاقاً من ذلك وأعمق مضموناً، حيث تتضمن تحويل ملكية بعض وحدات القطاع العام إلى القطاع الخاص، من أجل الترشيد الاقتصادي ورفع الكفاءة، ثم تنشيط نطاق المنافسة، ثم إلغاء قيام القطاع العام ببعض الأنشطة غير الملائمة له. وإسناد عملية إنتاج الخدمات إلى القطاع الخاص لتحقيق خفض في تكلفة المنتج. وأخيراً تخفيض القيود البيروقراطية على حركة ومباداءات القطاع الخاص.
لا يوجد مفهوم دولي متفق عليه لكلمة الخصخصة، حيث يتفاوت مفهوم هذه الكلمة من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى. ولكن لو أردنا تعريف هذه الظاهرة التي أصبحت موضوعا رئيسيا يتم استخدامه في معظم الدول، فانها فلسفة اقتصادية حديثة ذات إستراتيجية، لتحويل عدد كبير من القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية التي لا ترتبط بالسياسة العليا للدولة، من القطاع العام إلى القطاع الخاص. فالدولة، في المفهوم الاقتصادي الحديث، يجب أن تهتم بالأمور الكبيرة كالأمور السياسية والإدارية والأمنية والاجتماعية التي ترتبط بسياستها العليا، أما سائر الأمور الأخرى فيمكن تامينها من قبل القطاع الخاص وذلك في اطار القوانين والأنظمة التي تضعها الدولة وتنظم من خلالها عمل هذا القطاع.
تعددت واختلفت مفاهيم الخصخصة وتعريفها إلى تعدد مجالات تنفيذ هذه الإستراتيجية وإلى تعدد أساليبها، فيتسع التعريف أو يضيق بقدر شموله لهذه الأساليب وتلك المجالات. ونظرا لاهمية تعريف هذه الكلمة قبل الخوض في تفاصيل البحث، فتعرف الخصخصة بانها نقل ملكية أو إدارة نشاط اقتصادي ما، اما جزئيا أو كليا إلى القطاع الخاص أي انها عكس التاميم.
ولا تعتبر الخصخصة بحد ذاتها انما هي عادة ما تكون وسيلة أو اداة لتفعيل برنامج إصلاح اقتصادي شامل ذي محاور متعددة يهدف إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية في دولة ما.و من هذا المنطلق عادة ما يتزامن مع تنفيذ برامج الخصخصة تنفيذ برامج أخرى موازية ومتناسقة تعمل كل منها في الاتجاه العام نفسه الداعي إلى تحرير كافة الانشطة الاقتصادية في القطاع العام تجاه القطاع الخاص، أي ان الخصخصة يجب أن تواكبها تغييرات جذرية لمفهوم أو فلسفة مسؤولية الدولة من إدارة الاقتصاد ودورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي تجاه المزيد من المشاركة للقطاع الخاص.
و للخصخصة منظورين اقتصادي وسياسي فمن المنظور الاقتصادي تهدف عملية الخصخصة إلى استغلال المصادر الطبيعية والبشرية بكفاءة وإنتاجية أعلى، وذلك بتحرير السوق وعدم تدخل الدولة الا في حالات الضرورة القصوى، وعبر أدوات محددة لضمان استقرار السوق والحد من تقلباته. اما من المنظور السياسي فالتخصيص يدعو إلى اختزال دور الدولة ليقتصر على مجالات أساسية مثل الدفاع والقضاء والامن الداخلي والخدمات الاجتماعية، لذا فان التخصيص يتجاوز مفهومه الضيق المقتصر على عملية بيع أصول أو نقل ملكية ليكون بمثابة نقلة اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة وفلسفة جديدة لدور الدولة.
نبذة تاريخية
تدخلت الدولة في البلاد المتقدمة بشكل واسع في المجال الاقتصادي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية من أجل إعادة البناء السريع لاقتصاداتها التي دمرتها الحرب. واتّخذ هذا التدخّل بشكل خاص تأميم المشروعات الاقتصادية الخاصة. أما في البلاد المستعمرة سابقاً فقد اتسع نطاق تدخل الدولة في إدارة الاقتصاد الوطني خلال عقدي الستينات والسبعينات في العديد من الدول النامية بصفة عامة.
و كرد فعل للدور الاستعماري، وسعياً في الحصول على الاستقلال الاقتصادي، امتد واتسع تدخل حكومات تلك الدول، وزادت نسبة مشاركتها في النشاط الاقتصادي من خلال تقييد وتنظيم أنشطة القطاع الخاص بصفة عامة والأجنبي منه بصفة خاصة.إن تلك الإجراءات لم تنل اهتمام الدول المتقدمة والنامية على السواء، في توزيع مواردها ما بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص إلا في السنوات الأخيرة. وقد نجم عن ذلك أن تضخم حجم القطاع العام، وعجز عن تحقيق ما كان مستهدفا – بعد أن كان ينظر إليه على أنه وسيلة جيدة وفعّآلة لتحقيق التنمية الاقتصادية – أصبح عالة عليها.
وإزاء هذه المظاهر السلبية لانخفاض الكفاءة الإنتاجية التخصيصية في وحدات القطاع العام، ساد الاعتقاد لدى حكومات العديد من الدول النامية، بان القطاع العام بات أكبر مما ينبغي، وان تكلفة الاحتفاظ به أصبحت مرتفعة على اقتصادها، وتطلعت حكومات تلك الدول إلى التطبيق الجاد لبرامج الإصلاح الاقتصادي في ظل معونات مالية وفنية من البنك الدولي وصندوق البنك الدولي. واتخد الإصلاح الاقتصادي مسارات واتجاهات عديدة برز منها ما عرف في الأدب الاقتصادي بالخصخصة أو التخصيص. وأصبحت الخصخصة منهجا وأسلوبا اعتمد عليه العديد من الدول النامية والمتقدمة للتخلص من الحجم الزائد للقطاع العام وتحقيق الكفاءة الاقتصادية بصفة عامة والكفاءة الإنتاجية في وحدات القطاع العام بصفة خاصة.
أشكال الخصخصة
الخصخصة الكاملة
وتعني البيع الكلي للمشاريع العامة وتحويلها إلى الملكية والإدارة الخاصة، إضافة إلى بيع الدولة حقها كلياً.
الخصخصة الجزئية
وتعني جعل المشاريع العامة تؤدي وظائفها كما لو كانت مشاريع خاصة، تخضع لقواعد السوق التنافسية نفسها. ومن أبرز صورها عقود الإدارة، حيث تعهد الدولة لجهات خاصة ذات كفاءة مسؤولية إدارة كل أو بعض المشاريع العامة، وفقاً لقواعد العمل في السوق التنافسية.
فك ارتباط المشاريع العامة بالبيروقراطية الحكومية
من خلال إلغاء صور الرقابة الحكومية على الأنشطة الاقتصادية، والاعتماد بدرجة أكبر على قوى السوق وآلياته. ومن أبرز صورها إلغاء سياسات التسعير الجبري، والاستغناء عن العمالة الفائضة بالمشاريع العامة، وترشيد الدعم الحكومي للمشاريع العامة، وتعديل التشريعات العمالية لتتواءم مع التوجهات الجديدة.
أهداف الخصخصة
الخصخصة هي طريقة تفكير وأداة نفعية تقوم على تصور نظام جديد لتقسيم العمل والمهام الخاصة بالاقتصاد القومي، بين الحكومة والقطاع الخاص. إنه تقسيم للعمل في اتجاه وحيد، هو إمكانية تخلي الحكومة والقطاع العام عن بعض الوظائف والأنشطة للقطاع الخاص، وليس العكس. وتتحدد، في إطار ذلك، أهداف الخصخصة في تحقيق ما يلي:
- رفع مستوى الكفاءة الاقتصادية لإدارة الأموال داخل الدولة.
- تخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة، فيما يتعلق بالدعم الذي تقدمه الدولة للشركات العامة وتعويض خسائرها.
- توسيع قاعدة الملكية للأفراد، والحصول على زيادة في الإنتاج والتصدير وتحسين الجودة.
- توافر حصيلة لدى الدولة من بيع الوحدات العامة، تستطيع أن تواجه بها عجز الموازنة العامة.
- التغلب على عدم كفاءة نظم الرقابة والمحاسبة في الوحدات العامة.
وفي إطار ذلك توجد ثلاثة مقومات رئيسية لنجاح الخصخصة، يمكن تحديدها فيما يلي:
- دعم واقتناع وتفهم من الجماهير العريضة في المجتمع لعملية الخصخصة.
- التزام الحكومة بعملية الخصخصة والعمل على تحقيقها بأسلوب رشيد.
- أن تقترن عملية الخصخصة بعملية إصلاح اقتصادي شاملة، وذلك على أساس أن الخصخصة جزء من سياسات الإصلاح الاقتصادي، وما تشمله من إجراءات تعمل على تحرير الاقتصاد وتنمية روح المنافسة في السوق.
لذا، قصر كل من “فيكـرز” و “وديارو” أهداف الخصخصة على:
- تقليص التدخل الحكومي في القطاعات الصناعية إلى حد كبير.
- رفع الكفاءة الإنتاجية للصناعات المخصخصة.
- حل مشكلات اتخاذ قرارات الإنفاق للقطاع العام.
- توسيع قاعدة الملكية للمساهمين، من خلال تشجيع ملكية العاملين للأسهم.